القائمة الرئيسية

الصفحات

الابداع بين الشك واليقين الأعمى

 

نظرية المعرفة
هل يتطور الشك كلما زادت المعرفة؟


 هل يتطور الشك كلما زادت المعرفة؟

كيف يمكننا وصف حالة الجهل تلك التي تصيبنا بعد قراءة أي عمل ما أو اكتشاف أي عالم جديد. 

      الطبيعي يكمن في أن المعرفة تجعلنا نتواضع أكثر أمام هذا الكم الهائل من المعلومات؟ وتجعلنا حذرين في التعامل مع الأشياء أكثر من الثقة التي كنا نمتلكها قبل؟ و"مع المعرفة يكبر الشك"،كما يقول غوته.


هل نهاية العلم هي الشك؟ وهل مهمته هي كسر تلك اليقنيات؟ 

     تراودني الفكره منذ أيام بعد الثرثرة والأحكام الجاهزة التي تنتشر هنا وهناك، فالكل أصبح يصدر أحكاما تصيبني أحيانا بالدوار، وتجعلني أتساءل عن كمية الثقة التي يملكها هؤلاء في اصدار أحكام أكبر منهم تحتاج لدراسات وبحث وقليل من التواضع والهدوء. كما يقول فولتير: "الشك ليس وضعا مستساغا، لكن اليقين حماقة".

     يلازمني كذلك تصريح لماريو فارغس يوسا الحائز على جائزة نوبل وهو يقول: "كل ما أكتبه اليوم أقتله بالنقد الذاتي، ربما أعمالي الأولى كانت أكثر يقينا، عليّ بالعمل أكثر للتغلب علي الشك الذي يراودني".

     كما حدث مع الكاتب الكبير نجيب محفوظ وهو يُسأل قبل أيام قليلة من موته عن الحلول التي تخرج مصر من أزماتها ويجيب بسخرية: "وأنا كنت عارف ومخبي"، نستغرب هذا الكلام من كاتب كنجيب محفوظ يعرف تاريخ مصر كخطوط يده، ويدرك جيدا تاريخها وهزائمها ومشاكلها، هل يعجز ؟ ربما لو سئل نفس السؤال في مرحلة عمرية وفكرية سابقة، كان أجاب بيقين أكبر وطرح الحلول المعقدة ببساطة، أظن أن أمثاله يدركون جيدا مايقولون يفكرون ويعيدون ويفضلون السخرية على الارتقاء لدور الفاتحين العارفين بكل شيء.


      كذلك اذا التفتنا للفن، وقارنا مثلا لوحات بيكاسو، البورتريه الذاتي التي رسمها وهو في سن 15. بملامح واضحة متقنة وتشبه وجهه الذي ينعكس في المرآة، بينما نجده في آخر بورتريه وهو في عمر التسعين يرسم لنفسه وجها سرياليا مشوها فيه بعض بقايا ملامحه. 



      حتى إذا تتبعنا بورتريهات الفنان الامريكي ويليام أوترموهلن مع تقدمه في السن نلاحظ نفس التشوه ونفس التلاشي في الملامح التي تزداد اهتزازا وتماهيا مع مرور الزمن. الأمر هنا مختلف فالحالة كانت مرضية، وشخصت بمرض الزهايمر. والتي استعملت فيما بعد كوصف فني لتطور حالة المصاب.



صحيح نتفق أن الثقة ضرورية لأي عمل ابداعي لكن أي افراط فيها سيقود للعمى ويتحول لحالة مرضية مثيرة للشفقة.

تعليقات

محتوى المقال